مرة أخرى...تدوين العلم...عند محمد عابد الجابري
كتبه طارق الحمودي
سبق لي ان كتبت عن دعوى الجابري ان تدوين العلم عند المسلمين كان برعاية الدولة العباسية..وبينت ان هذا من الهوس في التفسير السياسي لكل حدث في التاريخ...وبينت ان التدوين كان ردا على انتشار الدخيل أصلا وفرعا...
وأرجع مرة إلى هذا لكن ...كرونولوجيا
- - - - -
نقل الجابري عن الذهبي عن طريق السيوطي في تاريخ الخلفاء قوله : "في سنة ثلاث وأربعين ومائة شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث و...."
ثم قال: "لقد حدد النص سنة 143 هـ كتاريخ لبداية التدوين في الإسلام...وحدد النص كذلك الأماكن والأمصار التي انطلقت فيها عملية التدوين تلك..وهي مكة والمدينة والشام والبصرة والكوفة واليمن...." ثم علق في الهامش : "يمكن أن نضيف مصر وخراسان"..
-- - - - -
أولى الملاحظات على هذا أن الذهبي لم يقل : وفي سنة ثلاث وأربعين..بل قال: وفي هذا العصر..ورغم أن الكلام وارد في سياق كلامه عن أحداث سنة 143 هـ فلم يكن المقصود ضبط العصر بتلك السنة, إنما قصد الذهبي ما هو أوسع منها مما يتضمنها وما قبلها...أي عصر التابعين..ودليل هذا أن الذهبي قال في آخر الطبقة الرابعة من تذكرة الحفاظ عند حديثه على عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء : "وقام على هؤلاء علماء التابعين وأئمة السلف وحذوا من بدعهم وشرع الكبار في تدوين السنن وتأليف الفروع وتصنيف العربية ثم كثر ذلك في أيام الرشيد "وهذه الطبقة الرابعة فيها مكحول وقد توفي سنة 113 هـ وربيعة الرأي المتوفى سنة 136 هـ
- - - -
قد يقول قائل: وما معنى هذا؟
معنى هذا يظهر حينما تعرف أن بداية الدولة العباسي كان سنة 132هـ على حد قول الذهبي..أي أن بدايتها كانت قبيل انتهاء عصر هذه الطبقة ...قبيل وفاة ربيعة الرأي.بأربع سنوات... فقط....أمضتها في محاولة الاستقرار...
ويعني أن التدوين بدأ في عهد الدولة الأموية .........لا العباسية.....!!!
- - - -
وقد ارتكب الجابري خطأ تاريخيا كبيرا كعادته...وبنى عليه دعوى عريضة...وما بني على خطأ فهو خطأ...فالأسس التاريخية للجابري أسس مشكوك فيها ولابد...
- - - -
قد يتفلسف بعض غلاة التفسير السياسي...فيقول: إذن كان التدوين تحت رعاية الدولة الأموية...
وسيكون هذا عذرا أقبح من ذنب..لأن سياق اختيار الجابري بدء التدوين زمن العباسيين كان مسوغا باعتبار ان الدولة العباسية كانت تريد في زعمه بناء ثقافة مخترعة والقطيعة مع الثقافة القديمة التي كانت تجد فيها الشعوبية مصدرا من مصادر التشويش الفكري على الدولة..وكان الصراع خارجيا..اما الدولة الاموية فلم يكن الأمر كذلك بالنسبة لها... فلم تكن محتاجة إلى لك...سياسيا!
- - - - -
والملاحظة الثانية..أنه يبدو ان الجابري لم يكن يهمه الرجوع إلى المصادر..وكان ربما يكتفي بالنقل عن المراجع التي كانت بين يديه...ربما كسلا منه ..وهذا لا يتسامح فيه في حق امثال الجابري....لكنه حينما قال في الهامش: "يمكن أن نضيف مصر وخراسان" علمنا انه لم يرجع إلى تاريخ الإسلام للذهبي فإن فيه: "وصنف الليث بمصر وابن لهيعة..." وكلاهما مصريان...فلم يبق هناك حديث عن إمكانية إضافة مصر..بل عن وجوبها... لأن الذهبي ذكرها...!!
مرة أخرى ...يخطئ الجابري..خطأ كبيرا.
كتبه طارق الحمودي
سبق لي ان كتبت عن دعوى الجابري ان تدوين العلم عند المسلمين كان برعاية الدولة العباسية..وبينت ان هذا من الهوس في التفسير السياسي لكل حدث في التاريخ...وبينت ان التدوين كان ردا على انتشار الدخيل أصلا وفرعا...
وأرجع مرة إلى هذا لكن ...كرونولوجيا
- - - - -
نقل الجابري عن الذهبي عن طريق السيوطي في تاريخ الخلفاء قوله : "في سنة ثلاث وأربعين ومائة شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث و...."
ثم قال: "لقد حدد النص سنة 143 هـ كتاريخ لبداية التدوين في الإسلام...وحدد النص كذلك الأماكن والأمصار التي انطلقت فيها عملية التدوين تلك..وهي مكة والمدينة والشام والبصرة والكوفة واليمن...." ثم علق في الهامش : "يمكن أن نضيف مصر وخراسان"..
-- - - - -
أولى الملاحظات على هذا أن الذهبي لم يقل : وفي سنة ثلاث وأربعين..بل قال: وفي هذا العصر..ورغم أن الكلام وارد في سياق كلامه عن أحداث سنة 143 هـ فلم يكن المقصود ضبط العصر بتلك السنة, إنما قصد الذهبي ما هو أوسع منها مما يتضمنها وما قبلها...أي عصر التابعين..ودليل هذا أن الذهبي قال في آخر الطبقة الرابعة من تذكرة الحفاظ عند حديثه على عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء : "وقام على هؤلاء علماء التابعين وأئمة السلف وحذوا من بدعهم وشرع الكبار في تدوين السنن وتأليف الفروع وتصنيف العربية ثم كثر ذلك في أيام الرشيد "وهذه الطبقة الرابعة فيها مكحول وقد توفي سنة 113 هـ وربيعة الرأي المتوفى سنة 136 هـ
- - - -
قد يقول قائل: وما معنى هذا؟
معنى هذا يظهر حينما تعرف أن بداية الدولة العباسي كان سنة 132هـ على حد قول الذهبي..أي أن بدايتها كانت قبيل انتهاء عصر هذه الطبقة ...قبيل وفاة ربيعة الرأي.بأربع سنوات... فقط....أمضتها في محاولة الاستقرار...
ويعني أن التدوين بدأ في عهد الدولة الأموية .........لا العباسية.....!!!
- - - -
وقد ارتكب الجابري خطأ تاريخيا كبيرا كعادته...وبنى عليه دعوى عريضة...وما بني على خطأ فهو خطأ...فالأسس التاريخية للجابري أسس مشكوك فيها ولابد...
- - - -
قد يتفلسف بعض غلاة التفسير السياسي...فيقول: إذن كان التدوين تحت رعاية الدولة الأموية...
وسيكون هذا عذرا أقبح من ذنب..لأن سياق اختيار الجابري بدء التدوين زمن العباسيين كان مسوغا باعتبار ان الدولة العباسية كانت تريد في زعمه بناء ثقافة مخترعة والقطيعة مع الثقافة القديمة التي كانت تجد فيها الشعوبية مصدرا من مصادر التشويش الفكري على الدولة..وكان الصراع خارجيا..اما الدولة الاموية فلم يكن الأمر كذلك بالنسبة لها... فلم تكن محتاجة إلى لك...سياسيا!
- - - - -
والملاحظة الثانية..أنه يبدو ان الجابري لم يكن يهمه الرجوع إلى المصادر..وكان ربما يكتفي بالنقل عن المراجع التي كانت بين يديه...ربما كسلا منه ..وهذا لا يتسامح فيه في حق امثال الجابري....لكنه حينما قال في الهامش: "يمكن أن نضيف مصر وخراسان" علمنا انه لم يرجع إلى تاريخ الإسلام للذهبي فإن فيه: "وصنف الليث بمصر وابن لهيعة..." وكلاهما مصريان...فلم يبق هناك حديث عن إمكانية إضافة مصر..بل عن وجوبها... لأن الذهبي ذكرها...!!
مرة أخرى ...يخطئ الجابري..خطأ كبيرا.